عامر عاصي

حوارات

 

  

23/07/2008
حاوره: ضياء السيد كامل

قمر أور الشاعر العراقي عامر عاصي

 دخلت الى عالم الشعر من باب لكوخ قصب في الجنوب
أننا بحاجة الى نظرية نقدية تنتشلنا

 
حينما سطع قمر اور في سماوات الادب العربي في الشارقة إنطفأت كل الاسماء امام نوره ليحصد الفوز العراقي الاتي من اتوت المفخخات والصامد بوجه العالم باسره ليكتب حياته الجديدة بقصب اهواره كما كتبها اول مرة قبل سبعة الاف سنة، كم رائع ان نرى شاعراً من ابناء العراق يكسر قيد العزلة التي اراد العرب فرضها على المبدع العراقي ويثبت لهم انه هو من يمنح الشرعية لابداع الاخرين لا العكس، الشاعر عامر عاصي الفائز بالمركز الاول بمسابقة الشعر لجائزة دبي الثقافية للابداع بـمجموعته الشعرية (قمر أور) والتي وقع اهدائها الى ابنته مريم اذ يقول فيه :
 
الى ابنتي مريم
لا تستخفي بكونك إمراة أبدا..
لانك من أور التي اتخذت من القمر آلهة سمتها إينانا الربة الانثى !!
 
عامر عاصي شاعر صرح ذات يوم امام مجموعة من الادباء وانا من بينهم (نرجسيتي بحجم نهر دجلة) استوقفني كلامه كثيراً ولكنني وجدته طرحاً مشروعاً لشاعر يكتب القصيدة الشعبية بأروع ما يكون ولا يسع من يسمعها وهي تنطلق من بين شفتيه الا ان يصيح(الله) فمن من المقربين لم يسمع منه قصيدته الشهيرة(من مال الله) او (يا كصايب)، عامر عاصي هو احد المبدعين الذين يكتبون القصيدة العمودية بنفس عراقي لا يشبه الا طعم الجنوب برز متأخراً في منتصف التسعينيات واصبح اولاً بابداعه بين اقرانه فكانت قصيدة (للراحلين) التي فازت في احدى مسابقات الشارقة الابداعية احدى خطواته في عالم الابداع.
التقيته وحاورته فكان بيننا هذا الحوار.
 
* عالم الشعر واسع وكبير، من اي الابواب دخلته؟
_  دخلت الى عالم الشعر من باب لكوخ قصب في الجنوب حاملاً معي زوادة سفر فيها خبز تنور مملح بدموع الجنوبيات وحفنة تمر معفرة بالنواح الجماعي المحمل بنسيم الاهوار المجففة ومنديلاً مبللا ً بدموع المسافرين الى كربلاء التي مررت بها فكانت بوابتي الى العالم أو قل بوابة العالم إليّ ، أن شئت لقد دخلت الى عالم الشعر شعبياً بلا نظريات سوى ستة آلاف سنة من الحضارة فقط.
 
* فوزك بالمركز الاول بمسابقة الشعر لجائزة دبي الثقافية للابداع بـ (قمر أور) ماذا يعني لك لاسيما انها ليست المرة الاولى للفوز بمسابقات عربية؟
ـ أنا سعيد جدا بهذه الجائزة على الرغم من أنها المرة السادسة التي أفوز بها بجائزة أدبية مهمة ، أن هذه الجائزة بالذات تعني لي الكثير لعدة أسباب منها أن المجموعة بأكملها كانت عن المرأة العراقية ، كما أن المجموعة كانت جسرا لعبور أيقونات ورموز أنثوية عراقية تدخل حيز القصيدة العربية لأول مرة ، بالاضافة الى أنها ( أي الجائزة ) جاءت كوثيقة تؤكد على الهوية العربية للثقافة العراقية ، والهوية العراقية للثقافة العربية على عكس ما تدعي الموجة الاعلامية الصفراء المشككة بهوية العراق وبالذات النكهة العراقية الجنوبية السومرية الاصيلة ، فضلا عن أن المجموعة هي الاولى على هذا المستوى التي وردت فيها مفردة الاحتلال بشكل وطني وجمالي وغير مسيس أو مبطن ضد الشعب العراقي .
 
* المثقف العراقي يعاني التهميش والاقصاء بسبب الصراعات السياسية والطائفية، كيف تنظرون لمستقبل الثقافة العراقية في ظل هذه الاجواء؟
ـ أنا مؤمن بأن الثقافة العراقية أكثر ثباتا من الامواج العابرة، فهي نتاج أشتراطات موضوعية قديمة ومتجددة، ومستقبلها سيمثل أمتدادا طبيعيا مفروضا حتى على منتجيها، أمتداد مفتوح على آفاق المستقبل العراقي الذي أعتقد أنه سيكون أكثر أشراقا من اللحظة العراقية الراهنة ، هذا بالنسبة للشق الثاني من السؤال، أما بالنسبة للشق الاول فأن أهم نتاجات الثقافة العراقية كانت تتحفز وتتألق في ظل التهميش والاقصاء عبر تاريخنا الثقافي الذي تواكب وتعايش وأنتج وأبدع في ظل الازمات السياسية الابدية التي لازمت العراق ، ثم كيف يستطيع أحد أن يدعي بأنه مبدع وأنه مهمش في الوقت نفسه فالمبدع أكبر من التهميش والقابل للتهميش لابد أن يفتقر الى مقومات الابداع هما نقيضان يا صاحبي لايجتمعان ألا في مدعي . 
 
*  هناك البعض من شعراء العمود بدأوا يقلدون شكل قصيدة النثر كيف تقرأ هذا التحول؟
ـ وما هو شكل قصيدة النثر ؟ والى أي حد ذهب بنا الشطط لنتجاوز موسيقى العمود معولين على الشكل فقط ؟ ووفق أية مقاييس أطلقنا عليهم أسم شعراء ؟ وأطلقنا عليها تسمية قصيدة ( سواء في ذلك العمود أو النثر) ؟
أعتقد أننا بحاجة الى نظرية نقدية تنتشلنا من هذا الخلط الكبير بين المفردات والمفاهيم والمصطلحات والاحكام الجاهزة لكي ندخل القرن التاسع عشر ولكي نفهم أن البنيوية تشكلت وفق (أو على وفق) قياسات وأبعاد مجتمع جديد بلا  أمتدادات تاريخية ولا منظومة قيمية ولا قواسم مشتركة ولا جذور (سواء كانت جذور للخير أو للشر) فحتى الازمات بحاجة الى معرفة جذورها قبل الشروع بحل أفرازاتها والتصدي لها ، وعلى من يستورد نظرية كما يستورد مجمدة ، أن يقرأ كيف أدخل النقاد في حضارات أخرى التاريخ كعامل من عوامل التحليل البنيوي على النظرية قبل أستخدام آلياتها في التحليل ، وعلى المثقف (أذا كان كذلك ) أن يدرك أن وراء التحليل الادبي تقف نظرية أجتماعية سياسية فكرية فلسفية متكاملة ستنتج مجتمعا كاملا ، لا أن يجتزيء ما يتعلق بقصيدته ليفوز بفرصة عمل في مجال الثقافة وراتبا شهريا مدفوع الثمن من أنتماءه وأنسانيته ومشروعه الابداعي ومحيطات من الدموع وأعاصير من الحسرات .
 
*  قصيدة بيت الشعر التي نظّر لها وسوّق لها عشرات الشعراء العراقيون الشباب الا تعتقد انها تسمية فقط ولكن القصيدة هي التي حلقت في عوالم موجودة لكنها مهملة او غير مرئية؟
 ـ أعتقد أن كل مبدع هو نبع أنساني مستقل وكل نتاج هو بصمة أنسانية لايمكن تكرارها وكل مشروع أدبي أو أبداعي يتكون من مجموعة عناصر لايمكن حصرها بسهولة بدءا من طفولته وذائقته وقراءاته وتسلسله في العائلة وأول صفعة في حياته وآخر حديث عابر مع رنة هاتف (خطأ) وما لا أستطيع أن أحصي من الظروف والحوادث والاحلام هل يمكن لأحد في الارض أن يدلني على مصادفة تنتج شخصين بنكهة جملة شعرية صادقة واحدة، لا أعتقد ذلك ، ولكنني أرى أن الفشل غالبا ما يعبر عن نفسه بمحاولة الانتماء الى قطيعية واحدة والاختباء خلفها لأنتاج المزيد من الفشل ولأنني أكتب لمتلقي يرى هو نفسي أولا ، فسوف لن أتمكن من الكتابة عن عوالم غير مرئية وبالتالي الحديث عن هكذا عوالم .
 
*  ادب الداخل ادب الخارج تسمية برزت بقوة بعد التغييرهل هناك وجه للشبه بينها وبين نظرة السياسيين المعارضين الذين كانوا خارج العراق او لنقل كيف تعلق على هذه الظاهرة؟
ـ  أنا ضد من يتعامل مع الجهد الانساني العظيم سواء في السياسة أو في الادب فيقسمه على أساس الجغرافيا المكانية لذلك أقول أن العراق كان في قلوب وعقول أبناءه في الخارج مثلما قلوبهم وعقولهم ذاتها هي الآن في الداخل أما من كان من عراقيي الداخل فقد كان يعيش الغربة في الوطن سابقا مثلما يعيش في وطن غريب بين الاوطان الآن ، وتأسيسا على ذلك أستطيع القول أن أفتقارنا لنظرية نقدية عراقية أو عربية هو الذي جعلنا نتكيء على مقاييس بعيدة عن أرض الواقع كمقياس الاجيال ومقياس الخارج والداخل وغيرها من البدع النقدية التي أتحفتنا بها عقول المتناقدين الجدد.
 
*  يقال ان الحرية تمنح المثقف مجالاٍ رحباً للاشتغال كيفما شاء هل امتلك المثقف العراقي حرية قلمه؟
ـ  ومتى فقد المثقف العراقي حرية قلمه ليستعيدها ؟ ولنكن مباشرين وصريحين فأذا كان المثقف ينتظر من النظام السابق أو أي نظام أرضي آخر أن يسمح له بالكتابة فأنه ليس مثقفا ، وأذا نظرنا للأمور وفق هذا المقياس فأننا سنجد أن المثقفين ( الاحرار في دواخلهم والملتزمين تجاه أنسانيتهم) أقل مما نتصور بكثير. 
 
*  كأوراق الخريف تساقط العشرات من الادباء العراقيون الكبار هل سيستطيع اخرون ملأ اماكنهم؟
ـ  يبدوا أني سأبقى مختلفا معك في بنية السؤال في كل مرة بالاضافة الى أختلافنا في القضايا التعريفية أذ ليس هناك متسع في القمة للعشرات من الشعراء بل أن الامر لايمكن أن يتعدى الآحاد ، كما أننا لايمكن أن نصفهم بالكبار وبالتساقط  معا لذلك فأنا سأستعير الصورة التي استخدمتها أنت ، وأقول بأنهم تساقطوا كأوراق الخريف لأنهم موسميون ، نعم ، موسميون بنتاجاتهم والقضايا التي يعالجونها والمناسبات التي يجندون لها قصائدهم بل أنهم أوغلوا في الموسمية حتى صاروا عبيدا للمواسم فشملتهم المواسم بسنتها التي لاتبديل لها. 
   
*  الفجائع كثيرة في حياة المبدع العراقي اي الفجائع تعتبرها بابا فـُتح لشعرك؟
ـ الحرب العراقية الايرانية التي كانت أكبر فجيعة على الصعيد الشخصي والعائلي والدراسي وأكبر فضيحة على الصعيد الوطني والتاريخي.
 
* نراك كسولاً من حيث طبع نتاجاتك او نشرها على شبكة الانترنت فما السبب؟
ـ  أنا مقل جدا والانترنت يستهلك ما أكتب ويحول دون طباعة مجموعتي الشعرية الاولى التي لم أنشرها بعد.
 
* اجابة لسؤال لابد منه؟
ـ العراق غدا يتعافى
سنلعب في الدرب ياصاحبي
سنعود صغارا
ونرسم فوق الجدار حسينا بحجم العراق
وعش حمام
سيتبع ظل نبي الصحارى
سيذرف أفراخه في الطريق
فيمتليء القلب
غارا... فغارا
 

 

?> hacklink al hack forum organik hit kayseri escort